نام کتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز نویسنده : ابن عطية جلد : 1 صفحه : 318
بال الصداق وبيت المال؟ إنما جهلا فينبغي للإمام أن يردهما إلى السنة» ، قيل: فما تقول أنت فيها؟.
قال: لها الصداق بما استحل من فرجها، ويفرق بينهما، ولا حد عليهما، وتكمل عدتها من الأول، ثم تعتد من الثاني عدة كاملة ثلاثة أقراء، ثم يخطبها إن شاء» ، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فخطب الناس فقال: «يا أيها الناس ردوا الجهالات إلى السنة» ، وهذا قول الشافعي والليث في العدة من اثنين، وقال مالك وأصحاب الرأي والأوزاعي والثوري: عدة واحدة تكفيهما جميعا سواء كانت بالحمل أو بالإقراء أو بالأشهر، وروى المدنيون عن مالك مثل قول علي بن أبي طالب والشافعي في إكمال العدتين، واختلف قول مالك رحمه الله في الذي يدخل في العدة عالما بالتحريم مجترما، فمرة قال: العالم والجاهل فيه سواء لا حد عليه، والصداق له لازم، والولد لاحق، ويعاقبان ولا يتناكحان أبدا، ومرة قال: العالم بالتحريم كالزاني يحد، ولا يلحق به الولد، وينكحها بعد الاستبراء، والقول الأول أشهر عن مالك رحمه الله.
وقوله تعالى وَاعْلَمُوا إلى آخر الآية: تحذير من الوقوع فيما نهى عنه، وتوقيف على غفره وحلمه في هذه الأحكام التي بيّن ووسّع فيها من إباحة التعريض ونحوه.
قوله عز وجل:
[سورة البقرة (2) : آية 236]
لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236)
هذا ابتداء إخبار برفع الجناح عن المطلق قبل البناء والجماع، فرض مهرا أو لم يفرض، ولما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التزوج لمعنى الذوق وقضاء الشهوة وأمر بالتزوج طلبا للعصمة والتماس ثواب الله وقصد دوام الصحبة وقع في نفوس المؤمنين أن من طلق قبل البناء قد واقع جزءا من هذا المكروه، فنزلت الآية رافعة للجناح في ذلك إذا كان أصل النكاح على المقصد الحسن، وقال قوم: لا جُناحَ عَلَيْكُمْ معناه لا طلب بجميع المهر بل عليكم نصف المفروض لمن فرض لها والمتعة لمن لم يفرض لها، وقال قوم: لا جُناحَ عَلَيْكُمْ معناه في أن ترسلوا الطلاق في وقت حيض بخلاف المدخول بها، وقال مكي: «المعنى لا جناح عليكم في الطلاق قبل البناء لأنه قد يقع الجناح على المطلق بعد أن كان قاصدا للذوق، وذلك مأمون قبل المسيس» ، والخطاب بالآية لجميع الناس، وقرأ أبو عمرو وابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر «تمسوهن» بغير ألف، وقرأ الكسائي وحمزة «تماسوهن» بألف وضم التاء، وهذه القراءة الأخيرة تعطي المس من الزوجين، والقراءة الأولى تقتضي ذلك بالمعنى المفهوم من المس، ورجحها أبو علي لأن أفعال هذا المعنى جاءت ثلاثية على هذا الوزن: نكح وسفد وقرع وذقط وضرب الفحل، والقراءتان حسنتان، وتَفْرِضُوا عطف على «تمسوا» ، وفرض المهر إثباته وتحديده، وهذه الآية تعطي جواز العقد على التفويض لأنه نكاح مقرر في الآية مبين حكم الطلاق فيه، قاله مالك في المدونة، والفريضة الصداق، وقوله تعالى وَمَتِّعُوهُنَّ معناه أعطوهن شيئا يكون متاعا لهن، وحمله ابن عمر وعلي بن أبي طالب والحسن بن أبي الحسن وسعيد بن جبير وأبو قلابة والزهري وقتادة والضحاك بن
نام کتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز نویسنده : ابن عطية جلد : 1 صفحه : 318